الثلاثاء، 9 فبراير 2010

ارض السعيدة

أرض السعيدة
؟أسماها الجغرافيون القداما < العربية السعيدة > لما عرفت به من خير عميم وثراء تجاري وفير بحكم تحطمها بطرق اللبان التجاري البري بين سواحل البحر العربي وسواحل البحر المتوسط ولم تكن اليمن لدى أقوام العالم المتوسط القديم واضحة الحدود والمعالم فربما كانت هي الهند عندهم , أو الحبشة , أوبلاد < البنت > أو جزيرة العرب كلها أو جنوبها أو الجنوب العربي منها وكان اليمنيون أنفسهم يحرصون على الاحتفاظ بأسرار تجارتهم وعلى حصر المشتغلين بها قدر الإمكان فيما بينهم فكان القدماء في حوض البحر المتوسط يسمعون عن وفرة ثراء اليمن , وطيب بضاعتها ولكنهم يجهلون الكثير عن موقعها وربما كان جل علمهم أنها تقع إلى الجنوب وهي أخر اليابسة أو أخر الأرض المعمورة وحيث يوجد المر والكاسيا والقرفة والأشجار واللبان التي لا تسوق في مكان غيرها وتحرسها الثعابين وسماها أهل اليمن كالهمداني وغيرهم اليمن الخضراء لكثرة أشجارها وثمارها وزرعها خاصة إذا ما قرنت بالفلوات التي تجاورها .
قال الشاعر :
هي الخضراء فاسأل عن رباها يخبرك اليقين المخبرونا
وقد تركزت الزراعة قديما في تلك المناطق الشرقية من اليمن حيث تلتقي سفوح الجبال بالصحراء وتكثر الواحات على الأودية وكان من أسباب تركز الزراعة في هذه المناطق وازدهارها مرور الطريق التجاري الشهير عبرها ولما تحول طريق التجارة البري إلى الطريق البحري وبدأت القبائل البدوية المغيرة تهدد المناطق الشرقية المستقرة الهانئة أتجه الناس نحو سكنى المرتفعات بكثافة اكثر ,حيث الامن والأرض الصالحة البديله فازدهرت المدن اليمنية على سفوح قمم الجبال , وفي القيعان ذات التربة الخصبة والمياه الجوفية الغزيرة والامطار الموسمية فكانت مثلا مدينة ظفار على سفح جبل ريدان وقرب حقل قتاب ( قاع الحقل ) وصنعاء على سفح جبل نقم , وقرب حقل صنعاء , وشبام أقيان على سفح جبل كوكبان وقرب سهل شبام وقرب قاع البون قامت ريدة وعران وغيرها .
وهكذا ازدهرت أيضا حقول البون وجهران وذمار ورداع والسحول وماوية وغيرها . كما استمر النشاط الزراعي فزدهر في وديان اليمن الكبيرة التي تصب في المحيط الهندي والبحر الاحمر كوادي حضرموت ووادي بنا برافدية حطيب ويهر , ووادي تبن ووادي موزع وواد ي رمع ووادي تبن ووداي مور ووادي عتود .
وقد أدرك اليمنيون القدماء أن وديانهم ليست أنهارا تجري منها المياه العام كله وأن القيعان لا تسقى إلا موسميا فكان لابد من مواجهة هذه الظروف الطبيعية القاسية بذكاء ومهارة وان يحسنوا استغلال التربة المحدودة بعزم ونشاط , فكان لهم ما أرادوا .
ورووا أرضهم بوسائل عده منها :
أنهم كانوا يقيمون حواجز ترابية ( تسمى اليوم أعبارا أو عوارض ) فتعمل على رفع مستوى مياه السيل لكي يمكن توزيع جزء منه على الأرض المحيطة بمجرى السيل بواسطة قنوات جانبية . وبذلك يستفيدون من الأمطار حين هطولها بأسرع ما يمكن .
ومنها أنهم كانوا يبنون بالحجارة سدودا في الممرات الضيقة من الوديان ويعملون لها مقاسم في كل طرف تصريف المياه إلى الأرض على جانب الوادي وبذلك يرفعون مستوى مياه السيل يسهل توزيعها كما يحفظون كميات منه للري بين موسم وأخر . وأشهر هذه السدود هو سد مأرب العظيم في وادي ذنه ومن سدود اليمن القديمة سد الخانق وسد العرائس في لحج وسدود وأودية بيحان وجروان ووادي عمد وحقل يخصب .
كما اعتنوا بصناعة الأدوات الزراعية فقد عثر على صورة بارزه للمحراث وهو لا يختلف كثيرا عن محراث اليوم وهكذا استعملوا الفأس المشبر والمفرس والمجرفة والشريم وغيرها من أدوات الحراثه الخفيفة النافعة .
وأنبتت أرضهم الحبوب مثل البر والذرة والشعير والفواكه كالأعناب واللوز والرمان والبلح وزرعوا الخضروات المتنوعة والأشجار النادرة مثل أشجار الورس واللبان والمر والقرفة .
وكان اللبان ماده أساسيه لدى تقديم النذور للالهه والمر يستعمل في التحنيط وفي تحضير مواد التجميل , ويدخل كلاهما في تحضير بعض الأدوية المركبة .
وكان عليهما إقبال كبير في العالم القديم – في بلاد مابين النهرين وبلاد الشام وحوض البحر المتوسط ووادي النيل ,أو كما قيل كان يستهلك في كل المعابد ما بين ثيوني والكرنك . فاهتم أهل اليمن بإنتاج تلك السلع النادرة وحرصوا على كتمان أسرار إنتاجها مما ساعد على قيام تجاره رابحه وطوروا تلك التجارة حين عرفوا حركة الرياح الموسمية في المحيط الهندي فبنوا السفن وبدأو يستغلون موقع بلادهم الجغرافي الممتاز . وقاموا بدور الوسيط التجاري بين سواحل الهند وشرق أفريقياء وحوض البحر المتوسط , ونقلوا عبر طريق اللبان الشهير بضاعة أخرى لم يكونوا ينتجونها كالعطور والطيوب والبهارات والذهب والأحجار الكريمة وغيرها . كانوا يجلبونها بحرا إلى ميناء قناء على ساحل البحر العربي ( في مصب وادي ميفعة ) ثم يهيئون لها القوافل الكبيرة التي تقطع الطريق التجاري عبر حواضر الدول اليمنية القديمة مثل شبوه ومأرب ومعين ونجران وودان حتى غزه ميناء فلسطين وعندما ضعفت الطريق حوالي الميلاد أقاموا الموانئ في مدخل البحر الأحمر وعلى سواحله مثل عدن وموزا وهكذا ساهمت التجارة أيضا والموقع الجغرافي بقسط وافر في ازدهار الحياة العامة لليمن القديم .
أن الخصائص الجغرافية كالمناخ والتضاريس والموقع لابد وان تؤثر تأثيرا قويا في نشوء حضارات الغمم في تركيب مجتمعاتها سياسيا واقتصاديا وينطبق هذا القول على اليمن وحضارته القديمة كما أن توفير الماء والغذاء للمحافظة على بقاء السكان الذين يستقرون بكثافة في الوادي أو القاع يتطلب أسلوبا منظما ومنتظما من العمل وذلك لانعدام الأنهار الدائمة الجريان ولهطول الأمطار في الصيف فقط والطبيعة والأرض الصخرية والصحراوية التي تمثل قسما كبيرا في سطح اليمن .
فيحتاج العمل ضمن هذه الشروط القاسية إلى توفير الأيدي العاملة لإقامة الحواجز وبناء السدود والمدرجات وحرث الأرض وصيانتها ولا تنجز هذه المهمات إلا بادراه جماعية وقوى متحدة وأساليب عمل منظمه ومنتظمة تتحدى قسوة الطبيعة وتشغل مزاياها وتنفض غبار الكسل عن المواطن وتردع الأنانية لدية .
من كتاب أوراق في تاريخ اليمن
د . يوسف محمد عبد الله

أرض السعيدة

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا الكريم
هذه بعض الاوراق التي سوف اتحدث فيها عن ارض العروبة الارض الرائعة ذات التاريخ العريق واليكم اول ورقة